وابدأ بداية سيرة حياته الكريمة
( أم انمار الخزاعية )
أرادت أن تشتري غلاماً لها من سوق النخاسين في مكة وهو سوق يباع فيه العبيد
فهي تريد أن تشتري عبداً لها تستثمر قوته وعمله
فذهبت إلى سوق النخاسين في مكة
وبدأت تقلبُ في وجوه العبيد لتختار عبداً مناسباً لها
فوقعت عيناها على وجه الصبي الذي لم يبلغ الحلم
(خبّاب بن الآرت)
فنظرت وقرأت في وجهه القوة والذكاء والحنكة فرغبت بشرائه
وفي طريقها إلتفتت إليه وسئلته :ماأسمك ياغلام ؟
قال :خبّاب
ما أسم أبيك :قال الآرت
من أين أنت : قال من نجد
إذاً أنت عربي :قال نعم ومن بني تميم
فقالت له : وما الذي أوصلكَ إلى سوق النخاسين
قال : أغارت علينا قبيلة من قبائل العرب فستاقت الأنعام وسبت النساء وأخذت الذراري
وكنتُ فيمن أخذ من الذراري فما زلتُ أنتقل من يد إلى يد حتى وصلتُ إلى سوق النخاسين
أخذت (أم انمار ) هذا الصبي إلى صانع السيوف في مكة لتعلمه صنع السيوف
لأن الذكي والجريء ينبغي علينا أن نضعهُ في المكان المناسب والعمل المناسب
سرعان ماتعلم (خبّاب ) صنع السيوف وأتقن هذه المهنة
وطار صيتهُ في مكة وأقبل الناس عليه ورغبوا في المعاملة معه
لما لمسوا من صدق أمانتهِ وإتقانهِ وإخلاصهِ في العمل
ولما صلب عوده واشتدت قوته أستاجرت سيدته(أم انمار )دكاناً فجعل يعمل بها بنفسه
ولكن (خبّاب) الصغير في السن الكبير في العقل
والمرء بعقلهِ لا بجسمهِ ولو كان الأمر بالجسم لسبقنا إليه ( الفيل )
كان ينظرُ (خبّاب )إلى الجاهلية وأنهم قد غرقوا في أوحال فسادها
فكان يتمنى يوماً ينجلي فيه ظلام الجاهلية
ولكن إنتظار (خبّاب ) لم يطل
فما ان سمع أن (بدر الدجى قد بزغ في مكة ) يدعى :
( محمد ابن عبد الله )
سارع (خبّاب بن الآرت) إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فأسلم وبايعهُ على الإسلام
وذهب إلى عمله وكان هناك نفر ينتظرون فسألوه :
( هل أتممت صنع السيوف يا (خباب )
فقال وهو يناجي نفسه ( ان أمره لعجب )
فسألوه ( أي أمر )
فيقول ( هل رأيتموه وهل سمعتم كلامه )
وحينها صرح بما في نفسه
( أجل رأيته وسمعته رأيت الحق يتفجر من جوانبه والنور يتلألأ بين ثناياه )
وفهم القرشيون فصاح أحدهم( من هذا الذي تتحدث عنه يا عبد أم أنمار )
فأجاب ( ومن سواه يا أخا العرب من سواه في قومك يتفجر من جوانبه الحق
ويخرج النور من بين ثناياه )
فهب آخر مذعوراً قائلا (أراك تعني محمدا )
وهز خباب رأسه قائلا ( نعم انه هو رسول الله الينا ليخرجنا من الظلمات الى النور )
كلمات أفاق بعدها خباب من غيبوبته وجسمه وعظامه تعاني رضوضا وآلاما
ودمه ينزف من جسده فكانت هذه هي البداية لعذاب وآلام جديدة قادمة